بعد أيام من انتهاء الانتخابات البرلمانية في إيران، وتزامنها مع بدء الموسم الانتخابي في أميركا، واجهت العملة الإيرانية أزمة جديدة، وسجل سعر الدولار رقما قياسيا أمام التومان الإيراني، في ظل مخاوف من عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وشهدت أسواق العملات في إيران، الأسبوع الماضي، واقعا جديدا بعد أن تراجع التومان إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار الأميركي، إذ بيع كل دولار واحد مقابل 60 ألف تومان إيراني، وسجل رقما قياسيا في الاقتصاد الإيراني.
يأتي ذلك متزامنا مع الإعلان عن النتائج الانتخابية التي شهدت صعود التيار المتطرف، وسيطرته على الأغلبية البرلمانية، مما زاد المخاوف من تأزم الأوضاع السياسية والاجتماعية في إيران، وارتدادات ذلك على الاقتصاد.
وهز فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الانتخابات داخل الحزب الجمهوري وتأكيد حضوره كمرشح عن الحزب في الانتخابات الرئاسية نهاية هذا العام الأسواق الإيرانية، ودفع بالتومان الإيراني إلى التراجع أمام العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأميركي.
وقال المحلل الاقتصادي رضا غيبي لقناة "إيران إنترناشيونال" تعليقا على الأطراف الفائزة بالانتخابات البرلمانية الإيرانية: "الإيرانيون عندما ينظرون إلى أسماء الفائزين في البرلمان الجديد يدركون أنه لا أمل في التغيير وتحسن الأوضاع الاقتصادية العام الإيراني القادم (يبدأ في 21 مارس/آذار الجاري)، لهذا لجأوا إلى شراء العملات الأجنبية للحفاظ على أموالهم، وحفظها من فقدان قيمتها، مما رفع من نسبة الطلب على هذه العملات وارتفاع أسعارها".
الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي أحمد علوي أشار بدوره في مقابلة مع قناة "إيران إنترناشيونال" إلى العزلة الدولية المفروضة على النظام المصرفي الإيراني، والعقوبات الدولية، ووضع إيران على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF)، والفساد المنتشر في مؤسسات الدولة، وقال: "البرلمان القادم فاقد للكفاءة اللازمة لسن قوانين في القضايا الاقتصادية، وهذا بكل تأكيد سيقود إلى إهدار مزيد من الموارد المالية".
عودة ترامب والصدمات المستمرة في الاقتصاد الإيراني
وفي حديثه لـ"إيران إنترناشيونال" قال المحلل الاقتصادي رضا غيبي إن احتمالية عودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية ضاعفت المخاوف من تأزم الوضع بالنسبة لإيران على الصعيد الدولي، وزيادة العقوبات والقيود على دخول العملة الأجنبية للبلاد، وانخفاض معدل صادرات النفط الإيرانية".
وخلال فترة وجوده في السلطة كرئيس للولايات المتحدة بين عامي 2017 و2021، تبنى ترامب سياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران، وانسحب من الاتفاق النووي الذي استطاعت إيران بموجبه زيادة نسبة صادراتها النفطية، والخروج من العزلة الدولية السابقة مما حسّن من الأوضاع الاقتصادية الإيرانية نسبيا، لكن بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي واجه الاقتصاد الإيراني أزمة غير مسبوقة، وتراجعت العملة الإيرانية بشكل تاريخي.
كما لفت الخبير الاقتصادي أحمد علوي في حديثه لـ"إيران إنترناشيونال" إلى فقدان الحكومة القدرة على إدارة الأوضاع الاقتصادية والعجز الشديد في الميزانية، وأكد أن هذا العجز الحكومي فتح المجال لكي تؤثر العوامل النفسية والعابرة على قيمة العملة، ومكانتها مقابل العملات الأجنبية، حيث تتراجع العملة الإيرانية بشكل سريع مقابل أي خبر سلبي أو حادثة ما.
هل تستطيع حكومة رئيسي السيطرة على أسعار الدولار؟
يحاول النظام الإيراني باستمرار أن يحتوي الصدمات التي تواجهها العملة الإيرانية من خلال ضخ العملة الأجنبية في الأسواق، كما يعمد إلى اعتقال سماسرة الدولار، ودعم محال الصرافة التابعة للنظام كإجراءات لمواجهة أزمة العملة في البلاد.
لكن مراقبين يرون أن مفعول مثل هذه الإجراءات محدود، ولهذا ستضطر الحكومة في العام الإيراني المقبل (سيبدأ في 21 مارس/آذار الحالي) إلى إجراء إصلاحات أساسية في سياستها العامة.
ووفق التوقعات فإن سعر الدولار سيبقى متأرجحا بين 59 و60 ألف تومان خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن في العام الإيراني الجديد ستزداد الضغوط على طهران، وستواجه عملتها أزمة أكبر.
ويعتقد المحللون أن سوق النفط لن يزدهر في العام المقبل، وأن تراجع النمو الاقتصادي للصين، باعتبارها أكبر مشتر للنفط، يعني أن دخل الحكومة الإيرانية من صادرات النفط لن يرتفع.
وتشتري المصافي الصينية نحو 90% من إجمالي صادرات النفط الإيرانية، والتي يتم شراؤها بشكل رئيسي عبر الشحنات المرسلة من ماليزيا أو الإمارات العربية المتحدة.