تناول عدد من المحللين السياسيين، والخبراء في الشؤون الدولية، مآلات الهجوم الإيراني على إسرائيل، والتبعات التي سوف تترتب عليه، والمخاوف من اندلاع حرب واسعة في المنطقة.
وأكدوا أن الهجوم الإيراني، مساء أمس، السبت، شكَّل موجة من "تجديد التعهد الغربي بدعم وحماية إسرائيل".
وشنت إيران مساء السبت، 13 أبريل (نيسان)، هجومًا على إسرائيل، باستخدام عشرات الصواريخ والمُسيّرات.
وقدر مسؤولون إسرائيليون أن إيران استخدمت 185 مُسيّرة و36 صاروخًا من طراز كروز، و110 صواريخ أرض- أرض باتجاه إسرائيل، لكنها لم تلحق ضررًا سوى بقاعدة عسكرية إسرائيلية واحدة، في جنوب البلاد.
وجاء الهجوم الإيراني؛ ردًا على قصف إسرائيل مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، مطلع هذا الشهر، ومقتل قادة كبار في الحرس الثوري، من بينهم قائد فيلق القدس في سوريا والعراق، ونائبه.
هل كان الهجوم الإيراني ناجحًا؟
بدأ السؤال الملح يطرح نفسه على المحللين والمراقبين للشأن الدولي، عقب إعلان إيران إنهاء هجومها على إسرائيل، بعد ساعات قليلة من انطلاقه، لمعرفة ما إذا كانت إيران قد حققت الغاية من الهجوم وخلقت قوة رادعة في وجه إسرائيل، أم أن الهجوم كشف عن ضعف النظام الإيراني وخور منظومته العسكرية التي يتوعد بها منذ عقود؟
يكاد يجمع المراقبون، الذين أجرت قناة "إيران إنترناشيونال" مقابلات معهم، على أن الهجوم الإيراني على إسرائيل فتح الباب رسميًا أمام إيران للدخول في مرحلة جديدة من الصراع والتوتر.
وأشار الباحث في مركز "الشرق الأوسط والنظم العالمي"، شاهين مدرس، في مقابلته مع القناة، إلى "المأزق الجيوسياسي لإيران" أمام إسرائيل بعد الهجوم على مبنى قنصليتها في دمشق.
وقال: إن أي رد فعل عسكري مباشر في هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من التوترات العسكرية، لكن بما أن النظام الحاكم في إيران نظام "غير عقلاني"، فقد قرر أن يسلك طريق التصعيد.
ولفت رئيس حزب إيران الجديد، حامد شيباني راد، في مقابلته مع قناة "إيران إنترناشيونال"، إلى الإعلان عن الهجوم قبل بدء العملية، قائلًا: "أُرسلت إيران مئات الصواريخ والطائرات المُسيّرة على حساب الشعب، دون أن تجني أي فائدة منها.. واستغرق الأمر ساعات حتى تصل المقذوفات إلى وجهتها، لقد كان مجرد عرض وهمي".
وأكد الصحفي مهدي مهدوي آزاد، أيضًا، "التكلفة المالية الباهظة"، التي خلفها هذا الهجوم على الاقتصاد الإيراني، ووصفه بأنه "خطأ استراتيجي"، مثل الهجوم على باكستان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي لم يُعرف بعد ماهية الهدف والغاية من ورائه.
وأشار إلى أن التقارير الدولية خلصت إلى أن الهجمات الصاروخية والمُسيّرات التي شنها الحرس الثوري الإيراني على إسرائيل لم تكن ناجحة.. مؤكدًا أن مثل هذا النوع من الهجوم جعل إسرائيل تتخلص من
قلقها، الذي كان موجودًا منذ 4 عقود فيما يتعلق بموضوع القدرات العسكرية الإيرانية.
وأضاف آزاد، في تصريحه لـ "إيران إنترناشيونال"، أنه على الرغم من أن هذا الهجوم كان إعلانًا رسميًا بالحرب من قِبل إيران ضد إسرائيل، فإنه أظهر أن "استراتيجية هجوم النحل"، التي ظل المسؤولون الإيرانيون يتشدقون بها لفترة طويلة، لم تحقق أي شيء.
تعهد غربي بدعم إسرائيل أمام إيران
أكد الخبراء والمحللون أن الدعم والمساندة الغربية لإسرائيل في وجه إيران؛ من الخسائر التي حلت بطهران بعد هذا الهجوم؛ حيث أكدت العديد من الدول دعمها وتعهدها بالوقوف بجانب إسرائيل مقابل الهجمات الإيرانية "المتهورة".
وصرح رئيس حزب إيران الجديد، حامد شيباني راد، بأن هجوم إيران على إسرائيل كان "هزيمة أيديولوجية وسياسية وعسكرية" للنظام الإيراني وانتصارًا سياسيًا لإسرائيل؛ لأننا شهدنا ضغوطًا دولية ضد إسرائيل، في الأيام الأخيرة، بسبب هجماتها في غزة، ولكن منذ أمس نرى موقفًا دوليًا موحدًا وداعمًا لتل أبيب".
وتناولت وسائل إعلام أجنبية أيضًا هذا الموضوع، بالإضافة إلى هذه التحليلات والقراءات، ورأت أن إيران فشلت في هجومها على إسرائيل، وظهرت بمظهر ضعيف أمام خصمها التقليدي.
وقالت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، الأسبوعية، في تقرير لها، حول الهجوم الإيراني على إسرائيل، إنه يعد هزيمة من الناحية العسكرية، وأضافت: "قد تكون إيران وقعت في خطأ حسابي خلال الهجوم".
ووصف محرر الشؤون الدولية في قناة "فرانس 24" الإخبارية، فيليب تيريل، الهجوم الإيراني على إسرائيل، بأنه "لعب بالنار"، وقال إن إيران "قزم"، من حيث القدرات العسكرية، مقارنة بإسرائيل.
وأكد، في مقابلة مع هذه القناة، أن طهران، بعد الهجوم الإسرائيلي المميت على القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل سبعة أعضاء الحرس الثوري، بينهم اثنان من كبار قادة فيلق القدس، أصبحت في موقف ضعيف، وكان ينبغي عليها التحرك لإثبات قدراتها العسكرية.
وقال تيريل: إن هناك احتمالًا أيضًا أن تكون إيران قد شنت هذا الهجوم، وهي تعلم القدرات الدفاعية الإسرائيلية.
هل ترد إسرائيل على هجوم إيران؟
السؤال الآخر، الذي لايزال مطروحًا في الأوساط السياسية المعنية بالشؤون الإيرانية والإقليمية، يدور حول موقف إسرائيل من الهجوم، وما إذا كانت تل أبيب تعتزم الرد على طهران أم لا؟ وما أبعاد ردها المحتمل وتبعاته؟
ورأى الباحث في مركز الشرق الأوسط والنظم العالمي، شاهين مدرس، في مقابلته مع قناة "إيران إنترناشيونال"، أن إسرائيل سوف ترد على الهجمات الإيرانية.
ويعتقد أن الولايات المتحدة لن يكون لها أوراق ضغط على إسرائيل لإقناعها بعدم الرد.
وقال مصدر إسرائيلي لـ "إيران إنترناشيونال"، إن الولايات المتحدة منعت الهجوم الإسرائيلي المخطط له، الليلة الماضية، على إيران، في اللحظة الأخيرة.
وأضاف هذا المصدر، أن الرد الإسرائيلي كان من المفترض أن يتم مباشرةً بعد هجوم إيران، لكن واشنطن عارضت هذا، وأوقفت العملية الإسرائيلية.
وأضاف محلل قضايا الشرق الأوسط، مهرداد فرهمند، لـ "إيران إنترناشيونال"، أن طهران تعول على الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من الرد على الهجوم، الذي وقع مساء السبت، لكن احتمال شن هجوم على إيران ليس معدومًا.
ورأى أن رد إسرائيل، يهدد بشدة الوضع الاقتصادي للبلاد، بالإضافة إلى التسبب في أضرار جسيمة للمنشآت العسكرية الإيرانية.
وقال: "مثلما لا يمكننا التكهن بقرارات المسؤولين الإيرانيين، لا يمكننا القول على وجه اليقين إن إسرائيل لن ترد على هجمات إيران".
وقال الناشط السياسي، علي أفشاري، لـ "إيران إنترناشيونال": "لا يبدو محتملًا أن تنقل هذه التوترات مستوى الصراع من الحرب بالوكالة إلى حرب مباشرة أو شاملة، في الوقت الحالي"، مضيفًا: "لكن خطأً بسيطًا في الحسابات يمكن أن يشعل حربًا طويلة".
وقدر أنه من غير المرجح أن يحدث أي شيء جديد، حتى انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، بُناءً على طلب إسرائيل؛ لأن الأجواء في كلا البلدين عادت إلى طبيعتها، وتم رفع القيود المفروضة على الطيران والمرور.
وتم الإعلان في وقت سابق أن الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي سيُعقد على الأرجح اليوم، الأحد.