وصف الكاتب الصحفي، والمحلل السياسي اللبناني، يوسف دياب، في مقابلة خاصة مع "إيران إنترناشيونال"، الرد الإيراني على الضربة الإسرائيلية لقنصلية طهران في دمشق، بأنه رد "رفع العتب".
وأكد أن نتائج الضربة الإيرانية جاءت باهتة جدًا، ولم تُلحق ضررًا يُذكر بإسرائيل، بل كانت ضربة منسقة مع الولايات المتحدة الأميركية؛ لحفظ ماء الوجه؛ حتى لا تفقد إيران مصداقيتها؛ لأنني أعتبر استهداف قنصلية طهران في دمشق استهدافًا للأراضي الإيرانية.
وأوضح أن الهجوم الإيراني، عزز الوضع الشعبي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، داخل إسرائيل، وأعاد التعاطف الدولي والدعم الغربي لتل أبيب، وربما أعطى تفويضًا جديدًا لها؛ للتخلص من كل التهديدات التي تحيط بها، سواء في لبنان أو مع الحوثيين والفصائل الموالية لإيران في العراق.
وأشار دياب، ردًا على سؤال حول تداعيات الضربة الإيرانية على لبنان، إلى أن المعطيات تغيرت تمامًا، وأصبحت التحليلات تشير إلى اقتراب الحرب على بيروت لا محالة، لعدة أسباب، أولها أن إسرائيل باتت واثقة أنها إذا أشعلت الجبهة مع لبنان، فلن تكون هناك تهديدات خارجية؛ لأن إيران لن تفتح جبهة على إسرائيل؛ حيث إن النظام الإيراني، تلقى رسائل حاسمة أنه إذا تورط بالحرب مع إسرائيل ستكون لها تداعيات وخيمة، ولذلك ستتغير الحسابات، اليوم، بالنسبة للجانب الإيراني، أو الجانب الإسرائيلي، الذي يبدو أنه أصبح يمتلك تفويضًا دوليًا للاستمرار في العمليات العسكرية، سواء لإنهاء وضع رفح في قطاع غزة، أو الجبهة الشمالية للبنان.
أضاف، أن السبب الثاني هو نزوح أكثر من مائة ألف مستوطن إلى الداخل الإسرائيلي، واقتراب عودة الدراسة، التي تبدو مستحيلة قبل عودة الهدوء للوضع الأمني، إضافة إلى أن إسرائيل لن تبقي على الوضع كما كان قبل 7 أكتوبر؛ لأن هذا في ذهن الإسرائيليين هو طوفان أقصى جديد محتمل من لبنان؛ لذلك فإن إسرائيل عازمة على إنهاء هذا الوضع.
أشار إلى أن السبب الثالث هو أنه قبل الرد الإيراني كان هناك "فيتو أميركي" ضد فتح جبهة مع لبنان، واليوم بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، صراحةً أنه سيدافع عن أمن إسرائيل، تغيرت الأولويات السياسية الأميركية، وهذا ما سيظهر في الأيام المقبلة.
وأكد دياب أن إسرائيل تريد الحرب مع لبنان؛ لتصل إلى حل سياسي، وإذا فشل الحل السياسي فقد هيأت الأرضية العسكرية لذلك؛ حيث قد قامت بالفعل بتدمير الكثير من المناطق الجنوبية والقرى اللبنانية؛ إذ إنها تعتمد سياسة الأرض المحروقة والمدمرة؛ لتقوم بغزو بري، كما حدث في غزة، وتدخل إلى منطقة شبه مُبادة تقريبًا، وهذا ما يسهِّل عليها عملية الاجتياح البري للبنان.
واستبعد دياب، قبول حزب الله بالحل السياسي؛ لأنه إذا قبل هذه الفرضية، سيتحتم عليه التراجع عن الجنوب، وبذلك تكون إسرائيل قد انتصرت، ومِن ثمَّ سيخسر حزب الله مبررات وجود سلاحه في جنوب لبنان لتحرير الأراضي اللبنانية وتحرير فلسطين والمجسد الأقصى، وهذا ما يصعِّب الموقف في لبنان، ولذلك أقول إننا في ظل أفق مسدود أمام الحل السياسي في لبنان، وهذا ما سيدفع إلى الحرب والحل العسكري أكثر من أي وقت مضى.
وحذر دياب من أن فتح جبهة مع لبنان سيجر إيران وأميركا وحلف "الناتو" إلى الحرب، وسنكون أمام حرب إقليمية لا مفر منها، إذا ما تورط لبنان؛ حيث تصر إسرائيل على أن هذه الحرب هي حرب وجودية وهي الحرب الأخيرة لها؛ لكي تتخلص من كل التهديدات المحيطة بها.
واختتم الكاتب الصحفي يوسف دياب حديثه لـ "إيران إنترناشيونال" قائلًا: إذا وُجِد حل سياسي بإقامة دولتين: فلسطينية وإسرائيلية، تحت رعاية دولية، بعد أحداث غزة، وقبلت به كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما، فأتوقع سقوط الأذرع الإيرانية ومبررات وجودها في المنطقة، خاصة أننا عندما نتحدث عن الحل في فلسطين فهو الحل أيضًا للمشكلة في لبنان؛ حيث إنه بعد ترسيم الحدود البحرية للبنان مع إسرائيل، لا شيء يمنع ترسيم الحدود البرية معها، مما سيفض إلى الطرح الآتي: يا حزب الله، القضية الفلسطينية حُلت وإسرائيل انسحبت من المناطق التي تطالب بتحريرها في لبنان، ومن ثمَّ لا مبرر لوجودك؛ فلتكن جزءًا من الدولة اللبنانية وسلِّم سلاحك، وذلك ما سيضعف حلفاء إيران في المنطقة.