أدى مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في منتصف فترة ولايته الرئاسية إلى بدء عملية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في إيران.
وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها النظام السياسي الإيراني مثل هذا الوضع بعد ثورة 1979.
وفي السابق، أدت وفاة المرشد روح الله الخميني عام 1989 وانتخاب الرئيس آنذاك علي خامنئي لمنصب المرشد إلى تقصير الفترة الثانية لرئاسة خامنئي بمقدار شهرين.
وقد استقال خامنئي من الرئاسة فور انتخاب الرئيس الجديد في أغسطس (آب) من ذلك العام.
ومع ذلك، منذ وفاة الخميني وحتى الانتخابات الرئاسية، لم يتم انتخاب رئيس بالوكالة، وكان علي خامنئي رئيسًا ومرشداً مؤقتًا في نفس الوقت.
وفي عام 1981 أيضاً، تسببت إقالة أبو الحسن بني صدر ومقتل محمد علي رجائي، بفارق أشهر قليلة، في عدم تمكن هذين الرئيسين من إكمال فترة ولايتهما الرئاسية.
ما هو وضع إيران؟
وجاء مصرع إبراهيم رئيسي في وقت تتزايد فيه الاحتجاجات في الداخل الإيراني بسبب سلسلة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
من الناحية السياسية، أجرت إيران مؤخراً انتخابات شهدت نسبة إقبال منخفضة للغاية، وهو ما يدل على أن غالبية الإيرانيين لا يثقون في صناديق الاقتراع.
ومن الناحية الاقتصادية أيضًا، أدى ارتفاع الأسعار والتضخم إلى جعل الحياة اليومية صعبة على الإيرانيين.
وتواجه سلطات النظام الإيراني ضغوطا دولية بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل، وتعميق العلاقات العسكرية مع روسيا خلال حرب أوكرانيا.
وفي المجال العسكري أيضًا، أدت حرب غزة إلى زيادة التوترات بين إيران وإسرائيل.
من هو الرئيس المؤقت؟
وفقًا للمادة 131 من دستور إيران، "في حالة وفاة الرئيس أو إقالته أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة ولايته ولم يتم انتخاب الرئيس الجديد بعد بسبب عوائق، أو أمور أخرى، يتولى المساعد الأول للرئيس صلاحياته ومسؤولياته بموافقة المرشد".
والآن يواجه محمد مخبر، المساعد الأول للرئيس الإيراني، مهمة جديدة من المرشد علي خامنئي.
وكتب خامنئي في رسالة، يوم الاثنين 20 مايو (أيار)، أن مخبر يتم تعيينه في منصب إدارة السلطة التنفيذية وفقا للمادة 131 من الدستور.
وبذلك وافق خامنئي على أن يصبح مخبر رئيسا مؤقتاً.
وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور إنه منذ يوم الأحد (19 مايو/أيار)، "عندما وقع ذلك الحادث تم إبلاغ المساعد الأول للرئيس بالأمور اللازمة، وأخذ يقوم بتسيير الأمور".
والآن ما هي عملية الانتخابات المقبلة؟
بحسب المادة 131 من الدستور الإيراني، وبعد أن تولى المساعد الأول للرئيس صلاحيات ومسؤوليات الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، "يلتزم مجلس يتكون من رئيس مجلس النواب ورئيس السلطة القضائية والمساعد الأول للرئيس بترتيب انتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها 50 يوما".
كما أكد هادي طحان نظيف، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، يوم الاثنين 20 مايو (أيار)، على تطبيق هذا القانون، وقال: "لا توجد مشكلة قانونية في هذا الصدد، والعملية ستتم وفق القانون".
وأشار نظيف إلى تصريح خامنئي قبل العثور على جثة رئيسي عندما قال: "لا ينبغي لشعب إيران أن يقلق، لن يكون هناك أي خلل في إدارة البلاد".
وقال محمد صالح جوكار، رئيس لجنة الشؤون الداخلية والمجالس، في مقابلة مع وكالة "برنا" للأنباء: "نظراً لبقاء عام واحد على ولاية الحكومة الـ13، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان الرئيس الذي سيتم انتخابه ستكون فترته سنة أو 4 سنوات".
وأضاف: "في هذا السياق فإن القانون قد حدد ما ينبغي فعله، وسيتم انتخاب الرئيس لولاية مدتها 4 سنوات".
وتعتبر مسألة مشاركة الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران قضية أساسية، لأن تجربة الانتخابات السابقة أظهرت أن الناس ليس لديهم رغبة كبيرة في المشاركة في الانتخابات في الوضع الحالي.
مَن هم المرشحون المحتملون لمنصب الرئيس؟
ويتيح مصرع رئيسي فرصة للتيار الأصولي والإصلاحيين لتقديم مرشحيهم.
ومن بين أعضاء الحكومة الحالية، فإن احتمال ترشيح محمد مخبر هو الأعلى، لأن أمامه 50 يوما ليظهر نفسه على أنه الشخص الثاني في البلاد.
وفي التسعينيات نشأ مخبر في دائرة المؤسسات التابعة لمكتب المرشد من خلال عمله في مؤسسة المستضعفين وحظي بثقة المرشد.
وسيكون محمد باقر قاليباف، الرئيس الحالي للبرلمان الإيراني، أحد المرشحين المحتملين الآخرين.
وسبق أن حاول قاليباف عدة مرات الوصول إلى هذا المنصب من خلال الترشح لرئاسة الجمهورية، لكنه في كل مرة كان يفشل لسبب ما.
وداخل البرلمان، يواجه قاليباف معارضين من التيار الأصولي، وقد يكون هناك المزيد من الفضائح ضده من أجل منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.
ومن بين المعتدلين، يمكن أن يكون حسن روحاني ومحمد جواد ظريف مرشحين محتملين.
لكن في الآونة الأخيرة، رفض مجلس صيانة الدستور أهلية روحاني للترشح في انتخاب مجلس خبراء القيادة، وقد احتج روحاني بشدة على هذا الاستبعاد.
وقد أعلن مجلس صيانة الدستور أن التنفيذ "غير الصحيح" للاتفاق النووي يعد أحد أسباب استبعاد حسن روحاني
وقد قال حسن روحاني في هذا الصدد إنه في ضوء لائحة الاتهام التي وجهها مجلس صيانة الدستور، لم يعد الرؤساء في المستقبل قادرون على التمتع بالحرية السياسية.
وقبل روحاني، كان مجلس صيانة الدستور قد رفض أيضًا علي لاريجاني، الرئيس السابق للبرلمان الإيراني، في الانتخابات الرئاسية السابقة.
وبعد استبعاده من الانتخابات، طلب علي لاريجاني عدة مرات من مجلس صيانة الدستور إعلان أسباب استبعاده علناً، إلا أن هذا المجلس لم يبلغه بذلك إلا في رسالة سرية، نُشر نصها على شبكات التواصل الاجتماعي بعد فترة.
ومن المتوقع أيضاً أن يواجه ظريف صعوبات مماثلة لما واجهه حسن روحاني ولاريجاني في مجلس صيانة الدستور.
وكما هو الحال في الانتخابات السابقة، من المتوقع أيضًا أن يظهر مرشحون لا يمتعون بحظوظ كبيرة مثل محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري.