أعلن رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران، اليوم الجمعة، بعد أن عاد اسمه للواجهة، كأحد أشهر مرشحي الرئاسة الإيرانية، عقب الإعلان عن وفاة رئيسي.
وكان لاريجاني، منذ سنوات طويلة، من الشخصيات المعتمدة لدى المرشد الإيراني، علي خامنئي، فمَن هو لاريجاني وما تاريخه وإلى أي نقطة يطمح أن يصل في مسيرته السياسية؟
وتُثار تساؤلات حول سبب ترشحه في هذه المرحلة، فهل حقًا يطمح للرئاسة أم أنه يريد فقط خلط الأوراق على اللاعبين الآخرين؟
شغل لاريجاني في بداية مسيرته السياسة منصب رئاسة هيئة إدارة منظمة الجهاد التابعة للحرس الثوري، منذ تأسيسه، وقد درس علوم الرياضيات والكومبيوتر، كما أخذ دروس الفلسفة على يد أحمد فريد، كان كلٌّ من الإصلاحيين والأصوليين يناصبونه العداء، كما أنه رُفض من الترشح للانتخابات الرئاسية السابقة من قِبل مجلس صيانة الدستور.
كل هذه التناقضات في سجل شخصية سياسية تثير علامات استفهام كثيرة، لكن علي لاريجاني استطاع الاستمرار في الحياة السياسية، حاملًا معه هذا العبء الثقيل من التناقضات والمفارقات السياسية.
من أين أتى لاريجاني وإلى أين يريد أن يصل؟
وُلِدَ علي أردشير لاريجاني، المعروف بـ "علي لاريجاني"، في مدينة النجف العراقية عام 1957، وهو صهر رجل الدين الإيراني البارز، مرتضى مطهري.
نشأ لاريجاني وترعرع في مدينة قم، وتخرج في جامعة شريف الصناعية، في تخصص الرياضيات وعلوم الكومبيوتر.
شغل لاريجاني منصب رئاسة الإذاعة والتلفزيون في عهد حكومة خامنئي، وهو أول منصب مهم يتولاه في عهد نظام الجمهورية الإسلامية، ليشغل بعدها منصب مدير تحرير صحيفة "كيهان"، أشهر الصحف الإيرانية، ولسان حال النظام الحاكم.
أصبح لاريجاني عضوًا في الحرس الثوري عام 1982، وحتى عام 1992، ثم مساعدًا ونائبًا لرئيس هيئة الأركان العامة للحرس الثوري الإيراني.
تم ترشيحه عام 1992 من قِبل الرئيس الإيراني الأسبق، هاشمي رفسنجاني؛ ليشغل منصب وزارة الثقافة والإرشاد، خلفًا لـ "محمد خاتمي"، الذي استقال من المنصب، لكن المشكلة أن لاريجاني لم تكن له خلفية في هذا المجال سوى أنه شغل منصب رئاسة التلفزيون لفترة زمنية قصيرة بتزكية من والد زوجته، مرتضى مطهري.
وبقي في منصب وزارة الثقافة والإرشاد حتى عام 1993، وكان أهم إنجاز له هو السماح باستخدام آليات الفيديو والتصوير، بعد أن كان محظورًا في السابق.
وعيّن خامنئي لاريجاني رئيسًا للإذاعة والتلفزيون من جديد، في عام 1993، وهو منصب ظل لاريجاني يتولاه سنين طويلة.
وبقي لاريجاني في منصب رئاسة التلفزيون حتى عام 2004، لينتقل بعدها، ويتولى منصب ممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة 5 سنوات.
وترشح لاريجاني لمنصب الرئاسة، في عام 2005، لكنه لم يفز سوى بنسبة أقل من 6 بالمائة من عدد الأصوات.
وعينه الرئيس الإيراني الجديد، آنذاك، محمود أحمدي نجاد، رئيسًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، في عام 2005، خلفًا لحسن روحاني (الذي تولى الرئاسة الإيرانية خلفًا لنجاد).
وبقي لاريجاني، رئيسًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، حتى عام 2007، ليستقيل بعد أقل من سنتين لخلافات بينه، وبين الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد.
وخلف لاريجاني في منصب رئاسة مجلس الأمن القومي، سعيد جليلي، أحد المرشحين البارزين أيضًا للانتخابات الرئاسية المقبلة في إيران.
وفاز لاريجاني بعضوية البرلمان الإيراني، ثلاث دورات، بين عامي 2008 و2020، عن مدينة قم، وهي دورات قضاها كلها رئيسًا للبرلمان.
وتم توقيع الاتفاق النووي في عهد رئاسته للبرلمان الإيراني، عام 2015، وهي تعد أطول فترة يقضيها شخص في منصب رئاسة البرلمان بتاريخ الجمهورية الإسلامية.
وترشح علي لاريجاني لمنصب رئاسة البرلمان، في عام 2021، لكن مرت عائلة لاريجاني، في تلك المرحلة، بمرحلة ضعف شديدة؛ إذ تم اعتقال مقربين من أشقائه، لاسيما فيما عُرف بقضية فساد أكبر طبري، مساعد شقيق علي لاريجاني، صادق لاريجاني، الذي كان رئيسًا للسلطة القضائية آنذاك.
وعندما حدد النظام شخص إبراهيم رئيسي، في تلك المرحلة؛ ليكون المرشح الأوفر حظًا للرئاسة الإيرانية، قام مجلس صيانة الدستور بإقصاء جميع المرشحين البارزين لتخلو الساحة لـ "رئيسي"، وهو ما تحقق بالفعل، وفاز "رئيسي" بالمنصب.
وفي تلك المرحلة، كان صادق لاريجاني، شقيق علي لاريجاي، أحد أعضاء مجلس صيانة الدستور، الذي رفض تزكية لاريجاني لمنافسة "رئيسي"، وهي حادثة يبدو أنها كانت السبب في "استياء" صادق لاريجاني، واستقالته من المجلس لاحقًا.
ودخل علي لاريجاني في معركة كلامية مع مجلس صيانة الدستور؛ احتجاجًا على قرار عدم تزكيته، وطالب أعضاء المجلس المقرب من خامنئي، ببيان أسباب الرفض بشكل مكتوب ومفصل.
عودة لاريجاني إلى المشهد السياسي
شهدت فترة تولي لاريجاني منصب رئاسة الإذاعة والتلفزيون ضربات موجهة ضد الإصلاحيين، من قِبل المؤسسة الإعلامية، لكن لاريجاني تحرك نحو الإصلاحيين، وبدأ في التقرب منهم، منذ أحداث عام 2009، التي أعقبت الاحتجاجات على نتائج الانتخابات، التي اتُهم فيها النظام بالتزوير لصالح محمود أحمدي نجاد.
وبعد ساعة واحدة فقط من إعلان لاريجاني ترشحه، أعلنت مصادر مقربة من الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، أبرز الشخصيات الإصلاحية وقائد لاريجاني الروحي، أنه لن يدعمه في هذه الانتخابات.
وأعلنت شخصيات إصلاحية أخرى عدم دعمها لـ "لاريجاني" وترجيحها شخصيات أخرى تكون أكثر ولاءً وانتماءً للتيار الإصلاحي.
كما أن لاريجاني أصبح غير مرغوب فيه من قِبل الأصوليين، ولن يدعموه في الانتخابات المقبلة، فلماذا يا ترى أعلن لاريجاني ترشحه، في ظل هذا الواقع، وبعد ترفض تزكيته من قِبل مجلس صيانة الدستور في الانتخابات الرئاسية السابقة؟
وقد يكون سبب ترشحه، هو ما أعلن عنه موقع "إيران واير"، قبل أسبوع، من أن ترشح بعض الشخصيات، مثل علي شمخاني، ومحمد باقر قاليباف، وعلي لاريجاني، يأتي لسبب واحد، هو منع وصول سعيد جليلي إلى منصب الرئاسة.