حدّد مجلس صيانة الدستور الإيراني، اليوم الأحد، أسماء المرشحين المسموح لهم بخوض السباق الرئاسي، والذين يجب على الشعب أن يختار واحدًا من بينهم ليكون رئيسًا قادمًا لإيران.
وباتت الرقابة على المرشحين تزداد يومًا بعد يوم، ودائرة المقبولين تضيق عامًا بعد عام؛ حيث تم طرد رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، من هذه الدائرة، بقرار من مجلس صيانة الدستور. فمَنْ هو هذا المجلس ومَن هم أعضاؤه؟
حدد المجلس المذكور أسماء 6 أشخاص فقط، من بين 80 شخصًا قُبلت أوراقهم للنظر فيها، بعد أن حُددوا باعتبارهم مؤهلين لخوض الانتخابات الرئاسية في إيران.
وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، هادي طحان نظيف، قبل ذلك: "إن الموافقة على مؤهلات كل مرشح في مجلس صيانة الدستور تتطلب 7 أصوات على الأقل من أعضاء هذا المجلس"، وفي لقاء آخر نفى احتمال التكهنات حول المؤهلات، وقال: "من الممكن أن يعلق الأعضاء على أحد المرشحين في الاجتماعات، لكن تصويتهم في الأخير يكون سريًا".
ويتألف مجلس صيانة الدستور من 12 عضوًا، 6 منهم يتم تعيينهم بشكل مباشر من قِبل المرشد الإيراني، علي خامنئي، ويُطلق عليهم "فقهاء" مجلس صيانة الدستور. ويتم تعيين 6 أعضاء آخرين باقتراح رئيس السلطة القضائية وموافقة البرلمان. وبما أن خامنئي هو الذي يُعيِّن رئيس السلطة القضائية، فإن 6 أعضاء قانونيين يتم اختيارهم عمليًا من قِبل المرشد أيضًا، لكن عبر وسيط (رئيس السلطة القضائية).
وهذا المجلس الذي بدأ عمله منذ عهد المرشد الإيراني الأول، روح الله الخميني، عام 1981، هو الآن في دورته الثامنة، التي بدأت عام 2021.
أحمد جنتي والاستقالات المتتالية
اقترن اسم مجلس صيانة الدستور في إيران بشخص واحد بشكل رئيس، وهو أحمد جنتي، البالغ من العمر 97 عامًا، والذي تم تعيينه عضوًا في هذا المجلس منذ عام 1981 بقرار من المرشد، روح الله الخميني، ولايزال حتى هذه اللحظة عضوًا في هذا المجلس. وأصبح جنتي، منذ عام 1992، أمينًا عامًا للمجلس، بقرار من المرشد علي خامنئي، الذي أصبح آنذاك مرشدًا لإيران، خلفًا للخميني الذي تُوفي عام 1988.
وتم إبعاد جنتي، عام 2016، من إمامة جمعة طهران؛ بسبب اللكنة في لسانه بعد أن بلغ سن 91 عامًا.
وكان جنتي رئيسًا لمنظمة الدعاية الإسلامية، حتى عام 2020، وهي من أهم المراكز الدعائية للنظام الإيراني، لكنه استقال من هذا المنصب في خريف عام 2020.
ولم يتقدم جنتي في الدورة السادسة لانتخابات مجلس خبراء القيادة؛ ما جعله يُودِّع عضوية هذا المجلس المكلف بتعيين المرشد و"الرقابة على أدائه". وقد كان جنتي عضوًا في هذا المجلس من الدورة الأولى إلى الخامسة، ورئيسًا له حتى عام 2024.
تُوفيت زوجة أحمد جنتي الأولى عام 2015، وتزوج مرة أخرى عام 2016 عن عمر يناهز 89 عامًا، لكن زوجته الثانية توفيت أيضًا في نوفمبر عام 2023. وكان أحد أبناء جنتي عضوًا في منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة وقد قُتل عام 1981. أما ابنه الآخر، علي جنتي، فهو عضو في "التيار الإصلاحي"، وكان "قائمقام" لخراسان في عهد رئاسة هاشمي رفسنجاني، وشارك في قمع التمرد المعروف باسم "تمرد الطلاب". وكان وزيراً للثقافة والإرشاد في إدارة حسن روحاني الأولى، وفي عام 2016 استقال من الوزارة بعد إقامة حفل موسيقي في مدينة قم.
ثاني أشهر شخصية في مجلس صيانة الدستور
يأتي اسم محمد رضا مدرسي يزدي، بعد جنتي، كأحد أكثر الشخصيات عضوية في مجلس صيانة الدستور؛ حيث اختاره خامنئي منذ عام 2002 عضوًا في هذا المجلس، وقبل وفاة إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم مروحية الشهر الماضي، تم ذكر مدرسي يزدي، في مارس (آذار) الماضي كخليفة محتمل لـ "أحمد جنتي" في رئاسة مجلس صيانة الدستور.
ثالث أكثر الشخصيات حضورًا في مجلس صيانة الدستور
يعتبر محمد مهدي شب زنده دار جهرمي ثالث أشهر الشخصيات في مجلس صيانة الدستور، وكان عضوًا في هذا المجلس منذ عام 2011 وحتى الآن، ولا تُعرف تفاصيل كثيرة عن هذا العضو سوى معلومات عامة، وهو لم يكن كغيره حاضرًا في مجلس خبراء القيادة بالتزامن مع عضويته في مجلس صيانة الدستور، ويتمثل سجله السياسي والتمثيلي في حضوره بمجال الحوزات الدينية، وهو الآن مدير مدرسة للعلوم الدينية تدعى بقية الله.
مرشح الخلافة
ظهر اسم علي رضا أعرافي، منذ عام 2019، كعضو في مجلس صيانة الدستور خليفة لـ "محمد مؤمن"، الذي توفي في ذلك العام، ويشغل أعرافي حاليًا منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، كما شغل مناصب كثيرة في إيران منذ عقود؛ فقد كان إمام جمعة ورئيس جامعة المصطفى (الجامعة الرئيسة في إيران لاستقطاب الطلاب الأجانب وتدريسهم الشؤون الدينية).
وأصبح أعرافي، بقرار من المرشد علي خامنئي، عضوًا فيما يسمى "المجلس الثقافي الأعلى"؛ حيث كان دائم الولاء للنظام وكثير الهجوم على المعارضين، وبعد وفاة رئيسي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أعرافي كأحد المرشحين لخلافة خامنئي.
البدائل
اختار خامنئي، بعد وفاة محمد يزدي عام 2020، خطيب جمعة طهران وممثل الدورات من الثالثة إلى السادسة لمجلس الخبراء، أحمد خاتمي، خلفًا له.
وخلال احتجاجات الحركة الخضراء، هاجم أحمد خاتمي، المرشح الرئاسي بانتخابات 2009، مير حسين موسوي، وأحد قادة المحتجين على نتائج تلك الانتخابات، مهدي كروبي، وردًا على ذلك، كشف مهدي كروبي أن خاتمي لم يكن لديه سجل كبير في النظام الإيراني، وكان يجلس في الصف الأول من حجرة الدراسة لـ "محمد منتظري"، نائب روح الله الخميني المخلوع، وكان سبب ترقيه في النظام الإيراني هو الهجوم على محمد منتظري، بعد وفاة الخميني.
بعد استقالة صادق آملي لاريجاني، شقيق علي لاريجاني، في قضية استبعاد علي لاريجاني في الانتخابات الرئاسية عام 2021، استبدله خامنئي بأحمد حسيني خراساني. وكان حسيني خراساني عضوًا في مجلس الخبراء لدورتين، ومثل غيره من المعينين من قِبل خامنئي، لديه تاريخ في مهاجمة الخصوم.
المحامون والخبراء القانونيون في المجلس
يضم مجلس صيانة الدستور، بالإضافة إلى ستة فقهاء، ستة خبراء قانونيين أيضًا، ويتم ترشيح هؤلاء الخبراء لمناصبهم في المجلس من قِبل رئيس السلطة القضائية. في السنوات الأخيرة، ونظراً لقصر عمر رؤساء السلطة القضائية، وجد خبراء القانون في مجلس صيانة الدستور تركيبة مثيرة للاهتمام.
ويعد عباس علي كدخدائي أقدم خبير قانوني عضوًا في مجلس صيانة الدستور، وله مكانة مماثلة لـ "جنتي" بين خبراء مجلس صيانة الدستور. وهو عضو به منذ الدورة الرابعة لهذا المجلس، وتم تقديمه لأول مرة عام 2001، من خلال محمود هاشمي شاهرودي، بديلاً لـ "حسن حبيبي".
وبعد شاهرودي، في عهد صادق لاريجاني وغلام حسين محسني إيجه إي، تم ترشيح كدخدائي مرة أخرى من قِبل رئيس السلطة القضائية ليكون عضوًا في مجلس صيانة الدستور.
ويعد سياماك ره بيك، عضوًا قانونيًا آخر في مجلس صيانة الدستور، وموجود في هذا المجلس منذ الدورة الخامسة له، وقد تم ترشيحه لهذا المنصب للمرة الأخيرة عام 2022 من قبل محسني إيجه إي.
محمد حسن صادقي مقدم هو عضو قانوني آخر في مجلس صيانة الدستور، ويزعم البعض أنه الشخص نفسه، الذي اتهمه صادق لاريجاني بتقديم معلومات كاذبة عن جنسية نجل علي لاريجاني من قِبل وزارة الإعلام، كما أن صادقي مقدم متهم بتعذيب معارضي النظام.
ويعتبر محمد حسن صادقي مقدم ممثلًا لاستخبارات الحرس الثوري الإيراني في مجلس صيانة الدستور. وفي الثمانينيات، تعاون مع أسد الله لاجوردي، الرئيس السابق لسجن إيفين، والمدعي العام بطهران في الثمانينيات، ومع "رئيسي" في التسعينيات.
يُعد هادي طحان نظيف، عضو الدورتين السابعة والثامنة، هو الآن المتحدث الرسمي باسم مجلس صيانة الدستور، وقد رشحه إبراهيم رئيسي (أثناء رئاسته للسلطة القضائية) لتولي هذا المنصب، وكانت تربطه علاقة جيدة مع كدخدائي، المتحدث السابق.
وجاء غلام رضا مولابيكي إلى مجلس صيانة الدستور من محكمة القضاء الإداري وكان حاضرًا في الدورتين السابعة والثامنة.
وأخيرًا هناك خيراله بروين، الذي رشحه غلام حسين محسني ايجه إي لشغل منصب العضو القانوني في مجلس صيانة الدستور وحصل على الدكتوراه من إحدى الجامعات في لبنان، وهو عضو في مجلس صيانة الدستور فقط، خلال الفترة الحالية.
وبدأت الولاية الثامنة لمجلس صيانة الدستور مع هؤلاء الأشخاص الاثنى عشر، عام 2021، وتستمر حتى عام 2027. وقد هندست هذه التركيبة انتخابات الدورة الثانية عشرة للبرلمان ومجلس خبراء القيادة السادس في مارس (آذار) الماضي، ويلعبون الآن دورًا في تحديد المرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة لعام 2024، وإذا لم يحدث شيء، فإن هذه الدورة من مجلس صيانة الدستور سوف تعمل أيضاً على هندسة الجولة المقبلة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.