انتهت اليوم المناظرة الخامسة والأخيرة للمرشحين الستة للانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران، وهم: الإصلاحي مسعود بزشكيان ومصطفى محمدي والأصوليون الأربعة، سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف وعلي رضا زاكاني وقاضي زاده هاشمي.
تحدثوا جميعهم خلال المناظرات الخمسة، بطريقة غير مسبوقة للمسؤولين الإيرانيين حول حقيقة بلدهم خلال السنوات الثلاث الماضية، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، شملت قضايا النساء وحرية الصحافة والإنترنت والملف النووي.
وفي مثل كل مناظرات انتخابية في العالم، شهدت المناظرات الرئاسية الإيرانية وعودا قد لا يتحقق معظمها، لا سيما في مجال السياسة الخارجية التي يسيطر عليها المرشد علي خامنئي بمساعدة مؤسساته العسكرية والأمنية.
هذا ما أكده المرشحون، وعلى رأسهم الإصلاحي بزشكيان الذي قال إنه سيكون مطيعا لأوامر المرشد في القضايا السيادية.
لكن المثير في ما سمعناه من المرشحين الستة ليس هذا فحسب، وهو أمر جلي لمن يتابع الشأن الإيراني، بل إن المرشحين- ورغم طلب خامنئي نفسه ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي أشرفت على المناظرات بعدم التطرق إلى القضايا الجدلية والتي تؤثر سلبا على المجتمع- هو تأكيدهم أن النظام فشل في كل مشاريعه الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية في الداخل والخارج، على الرغم من أن المرشحين الستة تولوا خلال مسيرتهم مسؤوليات سياسية وأمنية كبيرة مثل رئاسة البرلمان والملف النووي وقيادة الحرس الثوري.
على سبيل المثال لا الحصر، قال الإصلاحي بزشكيان مخاطبا المرشحين المنتمين للتيار الأصولي: أنتم لا تعيرون أي اهتمام لتوظيف الخبراء في جميع المجالات لهذا خسائرنا فادحة، ليردوا على الفور:“ إنكم (أي الإصلاحيين) كنتم على سدة الحكم لأربع فترات (محمد خاتمي لفترتين وحسن روحاني لفترتين) ولم تحققوا شيئا، بل نحملكم جميع الهزائم السياسية حيث ذهبتم للتطبيع مع الغرب، ولم تحصلوا على شيء“.
ويعيد بزشكيان مهاجمته لمنافسيه الأربعة بالقول في المناظرة قبل الأخيرة: أنتم من سببتم قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول، وإغلاق السفارات بعد الهجوم على السفارة والقنصلية السعوديتين. وهنا يرد عليه قاضي زاده، الذي تحول خلال المناظرات إلى خصم مباشر ضد بزشكيان، إن "الهجوم وقع في فترة رئاسة حسن روحاني المقرب والمدعوم من الإصلاحيين، وكان هو الأجدر بمعالجة الأزمة، وليس الأصوليون".
تعهد جميع المرشحين مثل سابقيهم بمكافحة الفساد الاقتصادي، الفساد الذي تسبب بإزاحة الطبقة الوسطى، كما قالها محمدي، وووسّع من رقعة الفقر في البلاد. ورد عليه جليلي أن محمدي كان المسؤول الأول في القضاء لمواجهة الفاسدين لفترة طويلة، وأضاف مهددا: "ستكون يا محمدي أول من يٌسأل في حال أصبحت رئيسا للبلاد".
بزشكيان كان الأكثر جرأة بين المرشحين الستة خلال المناظرات، وهو ما فسره المراقبون أنه يسعى عبر هذه الفرصة الوقتية الممنوحة له ولرفاقه من قبل النظام إلى استرجاع سمعة الإصلاحيين المفقودة، حيث بات الشعب يهتف في كل فرصة للاحتجاج: "أيها الإصلاحيون والأصوليون انتهت صلاحياتكم ونريد غيركم".
في آخر مناظرة وعد بزشكيان الشعب الإيراني أنه لن يكذب عليه في حال وصل إلى الرئاسة، وسيكشف عن جميع الحقائق والعوائق.
والسؤال الذي يطرحه المواطن الإيراني الغاضب من سياسات بلاده : هل ستكون يا بزشكيان بهذه الجرأة في ما يخص صلاحيات المرشد والحرس الثوري في حال وصلت للرئاسة؟
لخص المرشح الأصولي محمد باقر قاليباف، الذي تبوأ مناصب كبيرة في الحرس الثوري ورئيسًا للبرلمان الماضي والحالي، نتيجة هذه المناظرات معلقا على منافسيه الخمسة بالقول: "ما فضحناه وتجادلنا حوله خلال المناظرات لن يحل مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولن يمحو الفقر والجوع"، وكأنه يؤكد على أن الأمور ستستمر واليأس بين المواطنين سيبقى على حاله. لأن المرشد، الولي الفقيه صاحب الصلاحيات المطلقة، تعوّد على أن من حوله يطيعونه، ولو وصل إلى عمر 85 عاما.
الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي، قال في لقاء صحافي بعد تركه السلطة وحرمانه من أي منصب في النظام : "كنت في فترة رئاستي مثل موظف المشتريات". وهو ملخص الحقيقة لإطار مسؤوليات الرئيس في إيران.