عاما بعد عام تخسر طهران أسواقا جديدة من صادرات كانت تعد الأولى فيها عالميا ذات يوم، مثل صناعة الفستق، حيث تخلت إيران عن المركز الأول لصالح الولايات المتحدة الأميركية التي أصبحت أكبر مصدر لصناعة الفستق.
في الماضي غير البعيد، كان السجاد والزعفران والكافيار والفستق من أهم الصادرات غير النفطية لإيران.
وقبل ذلك أخذت الهند مكان إيران في صادرات السجاد، والآن أخذت أميركا مكانها في صناعة الفستق.
إن وضع الزعفران أيضا ليس بالجيد، وتقترب أفغانستان في عهد حكومة طالبان بسرعة فائقة من الاقتراب وتهديد مكانة إيران في صنع هذه المادة الثمينة.
وقال رئيس لجنة الزراعة في الغرفة التجارية الإيرانية محمد علي رضائي، إنه وعكس إيران، التي تصدر 250 ألف طن من الفستق سنويا، فإن الولايات المتحدة الأميركية تصدر 750 ألف طن في السنة الواحدة.
وفي إشارة إلى تكاليف إنتاج الفستق في إيران، قال رضائي: "تكلفة الكيلوغرام الواحد من الفستق في إيران 7 دولارات وفي أميركا 5 دولارات".
المنافسة بين إيران وأميركا في الفستق.. وتركيا منافس جديد
لفترة طويلة، كانت إيران المنتج الأول بلا منافس للفستق في العالم. ومنذ حوالي 14 عاماً، في عام 2009، تفوقت أميركا على إيران في إنتاج الفستق لأول مرة.
وحتى عام 2013، كانت أميركا المنتج الأول للفستق في العالم، ولكن اعتبارًا من هذا العام فصاعدًا، أصبحت إيران أكبر منتج في العالم مرة أخرى.
واستمر التفوق الإيراني حتى عام 2018، ثم عادت أميركا تتصدر المرتبة الأولى في العالم من جديد.
ومع الإحصاءات الجديدة التي أعلن عنها رئيس لجنة الزراعة في الغرفة التجارية الإيرانية، لا يبدو أن إيران ستتمكن من استعادة المركز الأول في إنتاج الفستق على مستوى العالم في وقت قريب.
في غضون ذلك زادت تركيا إنتاجها من الفستق في السنوات الأخيرة؛ ويبدو أنه إذا استمر الوضع الحالي، فسوف تضطر إيران قريباً إلى التنافس مع تركيا للحفاظ على موقع المنتج الثاني للفستق.
وجهات صادرات إيران من الفستق
وبحسب آخر الإحصائيات، ففي التسعة أشهر المنتهية في يونيو (حزيران) 2023، احتلت دول الكومنولث المستقلة (الأعضاء السابقون في الاتحاد السوفييتي بما في ذلك: روسيا وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان) المرتبة الأولى في استقبال صادرات إيران من الفستق بـ22.8 ألف طن.
ومن بين هذه الدول، كانت معظم الصادرات إلى روسيا وقيرغيزستان وكازاخستان، حسب الترتيب.
أعلى وأدنى نسبة في صادرات إيران من الفستق
بلغ إجمالي صادرات إيران من الفستق في عام 2017 حوالي 137 ألف طن، وفي عام 2020، وصلت صادرات الفستق الإيرانية إلى 205.7 ألف طن، لكن في عام 2022، بلغت هذه النسبة ما يقرب من ربع 2020 حوالي 56.1 ألف طن، وفي الأشهر التسعة المنتهية إلى يونيو (حزيران) في عام 2023، بلغ إجمالي الصادرات الإيرانية من الفستق 86.2 ألف طن، وهو ما يعد تحسنا مقارنة بالأشهر التسعة المنتهية إلى يونيو (حزيران) 2022، عندما بلغ إجمالي الصادرات حوالي 46.7 ألف طن.
أسباب تعثر صادرات إيران للفستق
هناك أسباب عديدة أدت إلى وصول الفستق الإيراني إلى هذه الحالة. وفي الداخل، بحسب رضائي، أدى نقص الزراعة الصناعية إلى زيادة تكلفة الإنتاج في إيران، ومن ناحية أخرى، يواجه المزارعون مشكلة نقص المياه.
ومن ناحية أخرى، يواجه المصدرون مشكلات تتعلق بالعملة؛ وبحسب محمد صالحي، رئيس مجلس إدارة جمعية الفستق، فإن مصدري الفستق يضطرون إلى بيع العملة التي يحصلون عليها من الصادرات وفقا لتسعيرة الحكومة للعملات الأجنبية، في حين أنهم يقومون بالإنتاج وتكاليفه وفقا لأسعار السوق المفتوحة للعملات الأجنبية، ما أدى إلى خسارة أرباحهم وفقدانهم للحافز على العمل والإنتاج.
المشكلة الأكبر هي وجود "سم الأفلاتوكسين" في الفستق الإيراني. وأكد صالحي وجود هذا السم في الفستق الإيراني، وقال إن بعض الدول تعيد الفستق الإيراني بسبب وجود هذا السم.
و"الأفلاتوكسين" هو نوع من السموم الفطرية التي تصيب بعض المنتجات الغذائية، بما في ذلك الفستق.
فستق أميركي بالعلامة الإيرانية
يتم تصدير حوالي 80٪ من الفستق المنتج في إيران إلى الخارج، وتعتبر روسيا والصين أكبر أسواق الفستق الإيراني.
ووفقا لإحصاءات جمعية الفستق الإيرانية، في الأشهر التسعة المنتهية إلى يونيو (حزيران) 2024، كانت الصين الوجهة الأولى لتصدير الفستق الإيراني بما يقرب من 13.6 ألف طن. وفي نفس الفترة تم تصدير حوالي 8 آلاف طن من الفستق إلى روسيا.
وبحسب صالحي، فإنه بسبب ارتفاع تعريفة الفستق الأميركي في الصين وروسيا، فإن الطلب على الفستق الإيراني أكثر في هذين البلدين، لكن الفستق الأميركي يباع بعلامات إيرانية في كل من الصين وروسيا.