نشر المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين في إيران صورة لوثيقة حكومية على قناته بتطبيق "تليغرام"، وذكر أن الحكومة تخطط لإنفاق مئات المليارات من التومان على "مراسم الأربعين" من خلال تأمين صناديق التقاعد، في حين أن الكثير من المتقاعدين يعيشون تحت خط الفقر.
ويأتي توفير نفقات "مراسم الأربعين" من جيوب المتقاعدين، بالتزامن مع احتجاجات متقاعدي البلاد؛ بسبب الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار وعدم تنفيذ خطة معادلة الرواتب والمستحقات في مدن مختلفة.
وأشار مفتش مركز معاشات الضمان الاجتماعي في طهران، حسن ايزدان، في شهر إبريل (نيسان) الماضي، إلى الوضع الاقتصادي السائد في إيران، قائلاً: "إن زيادة 22 بالمائة في معاشات المتقاعدين ليست كافية، وستتسبب في وقوع عدد كبير من متقاعدي الضمان الاجتماعي تحت الحد الأدنى للأجور والفقر المدقع".
وكانت صورة لوثيقة خاصة باجتماع فريق عمل بوزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية، قد نُشرت خلال الأيام الماضية، في بعض وسائل الإعلام المحلية، الأمر الذي أثار اهتمام الرأي العام.
وذكرت هذه الوثيقة، في 24 يوليو (تموز) الماضي، أنه تقرر استلام وإنفاق 250 مليار تومان من جميع صناديق التقاعد التابعة لوزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية "لأغراض مثل: المراسم الدينية"، وذلك في اجتماع "مجموعة العمل الأولى للمسؤولية الاجتماعية".
ويأتي هذا الاجتماع بعد 19 يومًا من انتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران.
وتنص هذه الوثيقة على أن صناديق التقاعد يجب أن تدفع مبلغًا يعادل 100 مليار تومان لتوفير موارد لتمويل "مقر أربعين الحسين".
كما يتعين على هذه الصناديق دفع 110 مليارات تومان لتغطية نفقات "مراسم الغدير، وراهيان نور، جهاد التبيين... إلخ".
كما وافقت مجموعة العمل هذه على تخصيص ما مجموعه 40 مليار تومان لأمور مثل "تعزيز مدرسة الحكم، وعقد دورات تدريبية حول أساسيات الفكر الإسلامي، ومشروع نظام سوق العمل الإيراني، وتعزيز أسطول النقل في محافظة بلوشستان".
آلاف المليارات لمسيرة الأربعين
تنفق إيران آلاف المليارات من التومان، سنويًا، من ميزانية المؤسسات العامة لحضور "مراسم الأربعين".
وأعلن مقر الأربعين أنه تم إنفاق نحو 8400 مليار تومان على إعداد البنية التحتية لهذا الحدث، في سبتمبر (أيلول) 2022.
ولا توجد قائمة دقيقة بإجمالي التكاليف والمصادر الممولة لهذا الحدث، لكن الأدلة تشير إلى أن منظمات حكومية مختلفة، بما في ذلك بلدية طهران، تشارك في هذه العملية.
وأعلن رئيس مجلس بلدية طهران، مهدي تشمران، في العام الماضي، تخصيص بلدية طهران 30 مليار تومان لهذا الحفل، وقال إن كل بلدية من بلديات المناطق ستقيم مقرًا لها في إحدى النقاط الحدودية بين إيران والعراق.
وبالنظر إلى تمويل المؤسسات العامة لمثل هذه المراسم، فمن الممكن فهم تصريح رئيس دائرة التوجيه السياسي للقوات المسلحة عبد العلي كواهي، الذي قال إن تكلفة مسيرة الأربعين هي "من الناس أنفسهم"، وذلك في أغسطس (آب) 2023.
أربعين 2024
إن أحد أهداف نظام الجمهورية الإسلامية في مراسم الأربعين هو الاستغلال الإعلامي والسياسي في المنطقة.
وفي هذا الصدد، قال يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري لعلي خامنئي، في 18 يوليو (تموز) الماضي، إن "20 مليون شخص" سيسيرون من النجف إلى كربلاء هذا العام، وإذا غيروا الطريق واذهبوا إلى القدس فلا يستطيع أحد مقاومتهم".
وقد صرح المساعد الأمني لوزير الداخلية، مجيد ميراحمدي، ردًا على المخاطر المحتملة لمراسم الأربعين هذا العام، بأن إيران لا تفكر في فرض أي قيود على إقامة هذه المراسم.
وأضاف، في 25 يونيو (حزيران الماضي): "أن الأعداء استخدموا فزاعة الخوف من حرارة الجو وحُمى الضنك لإثارة الرعب حول مسيرة الأربعين، لكن لا يوجد سبب للخوف من أي منها".
تسهيلات خاصة
ومن الإجراءات الجديدة بمقر الأربعين لمراسم هذا العام تركيب أنفاق تبريد وأجهزة تبريد أخرى على مسار السير.
وتوقعت وزارة الطرق والتنمية الحضرية وصول 100 ألف زائر باكستاني إلى إيران لحضور هذه المسيرة، وأشارت إلى "تمهيد الطرق المؤدية إلى المنافذ الحدودية، وإصلاح نقاط الحوادث المرتفعة، ووضع علامات على المحاور، وتركيب اللافتات، وزيادة المرافق الصحية".
وبينما تشير تقارير وسائل الإعلام المحلية إلى أن معظم المحافظات الإيرانية تواجه نقصًا في المياه، أعلن محمد زارع، المدير العام للمقر التنفيذي لأمر الإمام، تخزين "أكثر من أربعة ملايين زجاجة من المياه المعدنية" في مخازن التبريد لمسيرة الأربعين الدينية، وشدد على أنه نظرًا لارتفاع تكلفة المواد الغذائية فإنهم سيدعمون المواكب بقوة ولن يسمحوا بأن ينطفأ "ضوء الخدمة".
ووفقًا لقوله، فإن "جميع خدمات المقر التنفيذي لأمر الإمام مجانية تمامًا" لزوار الأربعين.
وأظهرت الأدلة أنه على الرغم من كل هذه الترتيبات الحكومية وتخصيص القروض والخدمات، انخفض الطلب على المشاركة في مراسم الأربعين بمقدار الثلث، في العام الماضي.
وكتب الناشط السياسي الإصلاحي، والكاتب الصحافي عباس عبدي، على منصة "إكس" يوم أمس الجمعة، مشيرًا إلى الوثيقة التي نشرتها وزارة العمل الإيرانية: "سيأتي يوم تُصرف فيه كل الموازنة على مثل هذه الأمور، ولن تكفي".