يواجه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، مأزقًا صعبًا، فإما أن يطبق قانون الحجاب الجديد، الذي أقرّه المتشددون في البرلمان، مما قد يؤدي إلى نفور ملايين الناخبين، أو يرفض توقيعه ويضع نفسه في مواجهة "الأصوليين المحافظين" في بلاده.
القانون الجديد، الذي أقرّه نواب متشددون ينص على فرض مجموعة من العقوبات، بما في ذلك الغرامات المالية الكبيرة، وأحكام بالسجن على النساء اللواتي لا يلتزمن بالقواعد الصارمة للحجاب، وكذلك على الشركات التي لا تفرض هذه القوانين.
وبعد أن وافق مجلس صيانة الدستور على القانون، هذا الأسبوع، يجب على بزشكيان أن يقرر ما إذا كان سيقوم بإبلاغ الهيئات الحكومية بهذا القانون لتطبيقه أم سيضع نفسه في مواجهة مع المتشددين في البرلمان، الذين على ضرورة "تعاون جميع الجهات الحكومية في تنفيذه، وألا يتسبب أحد في عرقلته"، كما قال أحد النواب النافذين في 18 سبتمبر (أيلول) الجاري.
وتزامن الإعلان مع الذكرى الثانية لوفاة الشابة الإيرانية، مهسا أميني، في الحجز، على أيدي السلطات الأمنية، بعد اعتقالها بتهمة انتهاك قوانين الحجاب، مما أشعل احتجاجات استمرت شهورًا في جميع أنحاء إيران في سبتمبر 2022.
وقد تشكل موافقة مجلس صيانة الدستور على القانون، بعد مرور عام على إقراره في البرلمان، تحديًا كبيرًا أمام بزشكيان، الذي يسافر إلى نيويورك اليوم الأحد، 22 سبتمبر؛ لإلقاء خطاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء المقبل.
كما أن توقيت الموافقة يضعه تحت ضغط إضافي، خاصة في أي مقابلات محتملة مع وسائل الإعلام الدولية خلال زيارته.
ولدى الرئيس الإيراني خمسة أيام، من وقت استلام مكتبه للإخطار من البرلمان، لتوقيع القانون وإقراره للتنفيذ، وليس من الواضح ما إذا كان مكتب بزشكيان قد تلقى التشريع أم لا.
وإذا رفض بزشكيان توقيع القانون وإبلاغ الجهات خلال الفترة الزمنية المحددة، فستنتقل المسؤولية إلى رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي سيتولى تسليمه للجهات الحكومية.
وشكّل قاليباف تحالفًا غير معلن مع بزشكيان ضد المتشددين، الذين يعتبرهم مسؤولين عن هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ويعارض الكثير من مؤيديه أيضًا تطبيق قانون الحجاب.
ولن يكون بزشكيان أول رئيس يترك مهمة إبلاغ التشريعات، التي لا يوافق عليها، إلى رئيس البرلمان؛ فقد فعل ذلك الرئيسان الأسبقان محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني من قبله.
واتخاذ مثل هذا الموقف سيمنح معارضيه فرصة هائلة لاتهامه بتفضيل "الفوضى"، على الرغم من تأكيداته المتكررة أن القانون يأتي فوق كل شيء بالنسبة له.
وفي بداية أغسطس (آب) الماضي، وافق البرلمان الإيراني على جميع الوزراء، الذين اقترحهم بزشكيان، وربما جاء ذلك بناءً على "نصيحة" بأن المرشد الإيراني، علي خامنئي، يريد تشكيل الحكومة بسرعة دون كثير من الجدل، في أعقاب اغتيال إسرائيل رئس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، في قلب العاصمة الإيرانية طهران.
وبعد ذلك، بدأ النواب المتشددون في الضغط مرة أخرى من أجل إقرار قانون الحجاب المثير للجدل من قِبل مجلس صيانة الدستور. ويقول المحللون إن المجلس تأخر في الموافقة على القانون وتنفيذه خلال تولي الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي؛ خوفًا من رد فعل شعبي، وتعريض حكومة "رئيسي" للخطر.
ومع ذلك، أطلقت حكومة "رئيسي" خطة "نور" في بداية إبريل (نيسان) الماضي، لإجبار النساء، اللواتي يظهرن في الأماكن العامة بدون الحجاب الإلزامي، على الامتثال للقواعد.
وتشير مصادر ميدانية إلى أن وجود النساء بدون حجاب في الأماكن العامة أصبح الآن "طبيعيًا جدًا" في طهران والعديد من المدن والبلدات الأخرى، الكبيرة والصغيرة.
وفي إطار الخطة، تم إغلاق آلاف الأعمال التجارية لعدم ضمانها التزام عملائها بالقوانين. وبالمثل، تم احتجاز عشرات الآلاف من السيارات بسبب حملها ركابًا غير محجبات.
ويتفاخر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بحقيقة أن النساء في عائلته، بمن في ذلك ابنته، التي ظهرت بجانبه كثيرًا منذ بداية ترشحه للانتخابات الرئاسية، يرتدين الحجاب. ومع ذلك، يصر بشدة على أن العنف ضد النساء غير مقبول ولا مبرر.
ووصف بزشكيان قانون الحجاب المقترح، خلال مناظراته وحملاته الانتخابية، بأنه "خطة الظلام"، وتعهد بإنهاء دوريات شرطة الأخلاق وعدم استخدام العنف ضد النساء اللواتي لا يلتزمن بقواعد الحجاب.
وفي مقابلة عام 2014، كشف بزشكيان أنه قاد شخصيًا جهود فرض الحجاب على طاقم المستشفى الجامعي في الأيام الأولى للثورة الإسلامية قبل أربعة عقود.