تناولت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في تقرير مفصل لها، احتمالية الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وقامت بمراجعة التداعيات المحتملة لمثل هذا الهجوم، مشيرة إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية تتدرب على القيام بهذه العملية بمفردها.
واستهلت الصحيفة، تقريرها، الذي نشرته يوم الإثنين 16 أكتوبر (تشرين الأول)، بالإشارة إلى مناورة جوية إسرائيلية أُجريت قبل عامين؛ حيث ذكرت: "قبل عامين، حلقت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق البحر الأبيض المتوسط لمحاكاة هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وهي مناورة أشارت إليها قوات الدفاع الإسرائيلية على أنها تدريب على التحليق بعيد المدى، والتزود بالوقود جوًا، والهجوم على أهداف بعيدة".
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن "الهدف من هذا التدريب لم يكن فقط إخافة الإيرانيين، بل أيضًا توجيه رسالة إلى إدارة بايدن: القوات الجوية الإسرائيلية تتدرب على القيام بهذه العملية بمفردها، ولكن في حال انضمت الولايات المتحدة بترسانتها من القنابل ذات الوزن 30 ألف باوند، فإن فرص نجاح الهجوم ستزيد كثيرًا".
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين أعربوا في مقابلاتهم عن شكوك حول قدرة إسرائيل على إلحاق أضرار كبيرة بالبرنامج النووي الإيراني. ومع ذلك، طرح مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية، تساؤلاتهم خلال الأيام القليلة الماضية، عما إذا كان الإسرائيليون قد توصلوا إلى نتيجة تفيد بأنهم قد لا يجدون فرصة أخرى مماثلة، وأنهم يستعدون لشن الهجوم بمفردهم.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد حذر إسرائيل من مهاجمة المواقع أو المنشآت النووية الإيرانية، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون أي رد "متناسبًا" مع الهجوم، الذي شنته إيران على إسرائيل، الأسبوع الماضي.
كما أوضح وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في حديثه مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن الولايات المتحدة ترغب في تجنب أي إجراءات انتقامية من شأنها تصعيد التوترات مع إيران.
ومن المقرر أن يلتقي غالانت مع أوستن في واشنطن، يوم غد الأربعاء.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين قولهم: "من المرجح أن يكون أول رد فعل انتقامي من إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني هو ضرب القواعد العسكرية، وربما بعض المواقع الاستخباراتية أو القيادية الإيرانية، ومن غير المحتمل أن تستهدف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية، في البداية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال ردت إيران على الهجمات الإسرائيلية، فمن المحتمل أن تتعرض المنشآت النووية لهجوم.
وأضافت: "ومع ذلك، هناك رغبة متزايدة داخل إسرائيل، يرددها البعض في الولايات المتحدة، لاستغلال هذه الفرصة لإعاقة البرنامج النووي الإيراني؛ حيث يقول الخبراء والمسؤولون الأميركيون إن طهران على وشك إنتاج قنبلة نووية".
وأكدت الصحيفة أن إيران قد تكون قادرة على تخصيب اليورانيوم اللازم لصنع سلاح نووي في غضون أسابيع، لكن المهندسين الإيرانيين سيحتاجون إلى عدة أشهر أو ربما أكثر من عام لتحويل هذا اليورانيوم إلى سلاح يمكن إطلاقه.
وكتب نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، والذي يُعتبر قوميًا متشددًا، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا): "إسرائيل لديها الآن أعظم فرصة منذ 50 عامًا لتغيير وجه الشرق الأوسط. يجب علينا الآن التحرك بفاعلية وقوة لتدمير البرنامج النووي الإيراني، ومحطات الطاقة، وشل هذا النظام الإرهابي".
وأضاف: "لدينا الأسباب والأدوات اللازمة. الآن بعد أن تم شل حزب الله وحماس، أصبحت إيران أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى".
ولكن، كما ذكرت الصحيفة، أطلق المسؤولون الأميركيون، حملة لمنع مثل هذه الهجمات، محذرين من أن الهجوم قد يكون غير فعال، وقد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة.
وتساءلت الصحيفة عن مدى قدرة إسرائيل على إيقاف البرنامج النووي الإيراني، إذا ما قررت تنفيذ الهجوم، مشيرة إلى أن مثل هذا الهجوم قد يدفع إيران لتطوير برنامجها النووي في أعماق الأرض، ويمنع حتى القليل من عمليات التفتيش الدولية، التي لا تزال سارية على المنشآت النووية.
"نطنز".. هدف قديم وجديد
ركزت الصحيفة على منشأة نطنز للتخصيب النووي، التي كانت هدفًا للاهتمام الإسرائيلي والأميركي على مدى العقدين الماضيين، وأضافت أن إيران نفت مرارًا سعيها لتطوير أسلحة نووية، مشيرة إلى الفتوى التي أصدرها المرشد الإيراني، علي خامنئي، في عام 2003 بتحريم امتلاك الأسلحة النووية، لكن بعض المسؤولين الإيرانيين أثاروا مؤخرًا تساؤلات حول إمكانية إلغاء هذه الفتوى.
وتحدثت "نيويورك تايمز" عن المخاوف الأميركية بشأن حصول إيران على التكنولوجيا النووية من روسيا، وأشارت إلى أن هناك مخاوف أخرى تتعلق بمستقبل البرنامج النووي الإيراني في ظل الضربات، التي تعرضت لها الجماعات الموالية لإيران، مثل حزب الله.
في الختام، حذرت الصحيفة من أن إيران بدأت في حفر شبكة واسعة من الأنفاق تحت "نطنز" منذ عدة سنوات، مما يجعل استهداف برنامجها النووي أكثر صعوبة.
وفي الولايات المتحدة، أصبحت مسألة الهجوم على إيران موضوعًا في الحملات الانتخابية؛ حيث صرح الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بأن إسرائيل يجب أن "تضرب المنشآت النووية أولاً، ثم تركز على الأهداف الأخرى". ومع ذلك، فإنه تجنب القيام بهذا الإجراء خلال فترة رئاسته.
وانتقد مايكل آر تيرنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، الرئيس جو بايدن، قائلاً: "من غير المسؤول أن يقول الرئيس إن الهجوم على المنشآت النووية ليس خيارًا، بينما كان قد صرح بعكس ذلك سابقًا".