مع تزايد الشكاوى من ارتفاع مستوى الفساد في مختلف مؤسسات النظام الإيراني؛ أفاد أعضاء مجلس بلدية العاصمة الإيرانية طهران أن حافلات سلمتها وزارة الداخلية للبلدية وُضعت تحت تصرف شركة غير مسجلة وأخرى تم إلغاء ترخيصها.
وانتقد أعضاء المجلس ما سموه "التدخلات العائلية" في بلدية طهران، مشيرين بطريقة غير مباشرة إلى "والد الابن الشجاع" (والد صهر عمدة طهران علي رضا زاكاني).
وفي جلسة الأربعاء 9 أكتوبر (تشرين الأول)، قدّم جعفر هاشمي تشكري، عضو مجلس بلدية طهران، تقريرًا حول تسليم الحافلات التي حصلت عليها البلدية من وزارة الداخلية، وأشار إلى أن البلدية سلمت عددًا من هذه الحافلات لشركة "توسعة تكنولوجيا كاشان تجارت"، وهي شركة لم تُسجل رسميًا، وفقًا لما ذكره هاشمي تشكري.
وأضاف عضو المجلس، المعروف بقربه من محمد باقر قاليباف، عمدة طهران السابق ورئيس البرلمان الحالي، أن بلدية طهران لم تبرم أي عقد في عملية تسليم هذه الحافلات إلى شركة "توسعة تكنولوجيا كاشان تجارت".
مطالب باستقالة عمدة طهران
وفي الأشهر الأخيرة، زادت الضغوط على عمدة طهران علي رضا زاكاني، حيث طالب العديد من المواطنين وأعضاء المجلس باستقالته.
وفي وقت سابق، وفي يوم 17 يوليو (تموز)، انتقدت نرجس سليماني، عضو مجلس بلدية طهران وابنة قاسم سليماني قائد قوة القدس السابق في الحرس الثوري، إدارة زاكاني، مشيرة إلى أن المخالفات في فترة إدارته لم تتقلص.
وفي سياق حديثه، أشار هاشمي تشكري إلى تسليم عدد آخر من الحافلات المستلمة من وزارة الداخلية إلى شركة تُدعى "تجارت إلكترونيك بارس شهروند"، موضحًا أن هذه الشركة كانت من الشركات التابعة لشركة "شهروند"، لكنها غير نشطة منذ سنوات.
وقال إنه وفقًا للعقد المُبرم، ستقوم هذه الشركة بعد استلام السيارات بتسليمها إلى شركات أخرى، بينما لم يتضح بعد أي شركات ستستلم هذه الحافلات.
وواصل رئيس لجنة العمران والنقل في مجلس بلدية طهران، قائلاً إنه بعد عدم حصوله على إجابة حول مصير هذه الحافلات من البلدية، قام بالبحث عنها ميدانيًا، واكتشف أن الحافلات في نظام المعاقين في محطة "طرشت"، حيث تركت أعداد كبيرة منها تحت الغبار وأشعة الشمس، وهي في طريقها للهلاك.
وذكر هاشمي تشكري أنه بعد هذا الفحص الميداني، تم نقل الحافلات إلى مكان غير معلوم.
يذكر أنه كانت هناك تقارير سابقة حول "بيع المناصب في بلدية العاصمة"، مما أثار توترًا في مجلس المدينة.
مصير غير معروف لحافلات الداخلية
حبيبي كاشاني، عضو مجلس بلدية طهران والمقرب من قاليباف، أشار في 9 أكتوبر (تشرين الأول) إلى المصير غير المعروف للحافلات المستلمة من وزارة الداخلية، قائلاً: "هنا مرة أخرى يثار اسم السيد 'ح. ح'- صهر زاكاني– في هذه القضية".
وأضاف: "لقد تحدثنا في الاجتماعات عن السيد 'ح. ح' كثيرًا، رغم أنه لا يتحمل أي مسؤولية، لكنه موجود في كل مكان وكأنه كابوس يثقل كاهل البلدية ولا يرحل. أطلب منكم ببركة الإمام الحسين أن تتخذوا قرارًا بشأن هذا الأمر".
ناصر أماني، عضو مجلس بلدية طهران ومن المقربين القدامى لقاليباف، انتقد أيضًا تسليم جزء من الحافلات إلى شركة "تجارت إلكترونيك بارس".
كما انتقد أماني شركة "تجارت إلكترونيك بارس"، مُشيرًا إلى أنها إحدى الشركات التي تم إلغاء ترخيصها في عام 2010 في مجلس المدينة.
وأكد أن إلغاء ترخيص عدد من الشركات جاء نتيجة إصرار مهدی جمران وأعضاء آخرين، لأن عددا كبيرا من الشركات كانت تحمل أسماء فقط دون أي نشاط فعلي.
وأضاف أماني: "الأصدقاء لا يكلفون أنفسهم عناء البحث في التاريخ القديم للشركات، ليحصلوا على معلومات حول عدم منح مهام النقل لشركة تم إلغاؤها".
تدخلات عائلة عمدة طهران
ويشير أعضاء مجلس البلدية إلى حسين حيدري، زوج مريم، ابنة زاكاني بـ"ح. ح".
وبعد تولي زاكاني منصب عمدة طهران، عيّن حيدري كمستشار ومساعد له في واحدة من أول التعيينات.
ولم يكن اسم حسين حيدري هو الوحيد الذي ذُكر في جلسة 9 أكتوبر؛ حيث أشار كاشاني في جزء من حديثه إلى والد صهر زاكاني، مُستعينا بلقب "ب. ش" بمعنى "الابن الشجاع" أو "ب. ب. ش".
وأوضح: "عندما سُئل ما هذا؟ أجبت بأنه والد الابن الشجاع. لا يمكننا ذكر الأسماء". ووالد حسين حيدري يُدعى "داوود حيدري".
وفي أغسطس (آب) 2023، تحدث أماني في مقابلة مع صحيفة "هم میهن" عن تدخلات زوج مريم زاكاني في بلدية طهران، مُشيرًا إلى أنه يجلس في أحد الطوابق من المنظمة الثقافية والفنية، ويقوم بالتأثير على العديد من الأنشطة المالية وغير المالية في هذه المنظمة.
ويمتلك والد حيدري وابنه ثلاث شركات مشتركة تُدعى "عميد رایانه شریف"، "عماد رایانه شریف" و"ستاره نوین جوان آریا". وفي شركة "عميد رایانه شریف"، توجد مريم زاكاني أيضًا إلى جانب حسين وداود حيدري.
ثورة أنصار قاليباف ضد زاكاني
تأتي معظم الاتهامات ضد عمدة طهران وصهره ووالد صهره من أعضاء مجلس بلدية طهران، الذين يُعتبرون من المحافظين.
وقد دخل هذا الفريق المنافسة بعد الانتخابات في عام 2021، التي شهدت هزيمة ثقيلة للإصلاحيين.
وبلغت ذروة المنافسة خلال الانتخابات الرئاسية المبكرة في عام 2024، حيث أُطلقت حملة في طهران لإقالة زاكاني بعد فوز مسعود بزشکیان في الانتخابات الأخيرة.
وحصل الإصلاحيون على دعم كبير لهذه الحملة، من جهة، في حين طالب معظم أعضاء مجلس البلدية، الذين يتمتعون عادةً بتجربة قريبة من قاليباف، باستجواب وإقالة زاكاني.
ومع ذلك، حتى الآن لم تنجح جهود الإصلاحيين والمحافظين المقربين من قاليباف في فصل زاكاني من منصبه كعمدة طهران.