مع استمرار انقطاع الأخبار عن إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وظهور الشائعات والسيناريوهات المختلفة حول مصيره، أفاد موقع "ميدل إيست آي" أن قاآني تم اعتقاله وأنه يخضع للتحقيق.
كما زعمت شبكة "سكاي نيوز عربية" أن قاآني قد تعرض لنوبة قلبية أثناء التحقيق معه، ونقل إلى المستشفى.
وبعد الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي في 3 أكتوبر (تشرين الأول) على قاعدة حزب الله في منطقة الضاحية ببيروت، أفادت التقارير أن إسماعيل قاآني كان موجودا في العاصمة اللبنانية في الوقت ذاته.
ورغم تأكيد المسؤولين الإسرائيليين أن قائد فيلق القدس لم يكن هدف الهجوم، أشارت بعض المصادر إلى احتمال مقتله.
وفي أعقاب اختفاء قاآني وتردد المسؤولين في إيران في الإدلاء بأي تصريحات حاسمة حول مصيره، تم تداول عدة احتمالات.
وأشار بعض المراقبين إلى أن قاآني ربما تم اعتقاله من قِبل جهاز استخبارات الحرس الثوري بسبب اختراق الموساد للمستويات العليا داخل الحرس الثوري، بينما رجح آخرون احتمال مقتله، وأفاد فريق آخر بأنه قد يكون محتجزًا في إسرائيل.
وفي هذا السياق، أشار بعض المراقبين إلى أن النظام الإيراني قد يخفي قاآني عمدًا في إطار "حرب نفسية"، وأنه سيظهر لاحقًا ويُمنح وسام "الفتح" لإنهاء الجدل.
ووفقًا لتقرير "ميدل إيست آي"، المنشور يوم الخميس 10 أكتوبر (تشرين الأول)، نقلاً عن عدة مصادر، فإن قاآني لا يزال حيًا وفي صحة جيدة، لكنه يخضع للتحقيق تحت إشراف النظام الإيراني بسبب "وجود اختراقات أمنية خطيرة".
تداعيات مقتل نصر الله
ومنذ مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، في غارة جوية إسرائيلية كبيرة على بيروت يوم 27 سبتمبر (أيلول)، لم يظهر قاآني في العلن.
ووفقًا لما أورده "ميدل إيست آي"، فبعد هذا الحدث، بدأ الحرس الثوري تحقيقات حول كيفية تمكن إسرائيل من اختراق القيادة العليا لحزب الله، ومعرفة توقيت ومكان وجود نصرالله.
وبحسب الموقع، نقلاً عن 10 مصادر في طهران وبيروت وبغداد، فإن قاآني وفريقه يخضعون للتحقيق كجزء من هذه التحقيقات الأمنية.
وأضاف التقرير أن قائد فيلق القدس توجه إلى لبنان بعد يومين من مقتل نصرالله لتقييم الوضع الميداني، لكن الاتصال به انقطع لمدة يومين بعد انتشار أخبار عن مقتل هاشم صفي الدين، الذي كان يُعتبر خليفة محتملاً لنصر الله.
ونقل "ميدل إيست آي" عن مصادر في الحرس الثوري ومسؤولين عراقيين أن قاآني لم يكن حاضراً في اجتماع هاشم صفي الدين مع مجلس حزب الله ولم يتعرض لأي إصابة.
وقال قائد عسكري في فصيل مسلح مقرب من إيران لموقع "ميدل إيست آي": "لا شيء مؤكد حاليًا، التحقيقات مستمرة وكل الاحتمالات واردة".
تأكيدات متضاربة
في المقابل، نقلت وكالة "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري، يوم الأربعاء 9 أكتوبر (تشرين الأول)، عن مسؤول عسكري أن إسماعيل قاآني في "صحة تامة".
بينما أفادت شبكة "سكاي نيوز عربية"، يوم الخميس 10 أكتوبر، نقلاً عن "مصادر إيرانية"، بأن قاآني تعرض لنوبة قلبية خلال استجوابه، وأشارت إلى أن مدير مكتبه يُشتبه بتورطه في التعامل مع إسرائيل.
من جهته، أعلن إبراهيم جباري، مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني، أن قاآني سيحصل على وسام "الفتح" من المرشد علي خامنئي في الأيام المقبلة.
التأخير في الكشف عن مصير قاآني "مثير للشك"
وفي تصريحات لقناة "صوت أميركا"، أعرب الصحافي والمحلل الأمني حامد محمدي عن استغرابه من تأخير النظام الإيراني في الإعلان عن مصير قائد فيلق القدس، واصفًا هذا التأخير بـ"المشبوه".
وقال محمدي يوم الأربعاء، 9 أكتوبر، إن "البعض يعتقد أن هذا هو جزء من الحرب النفسية التي تمارسها إيران"، مشيرًا إلى أنه من الممكن "أن يُكشف عنه خلال يوم أو يومين ويُمنح وسام الفتح ويُصوّر على أنه قائد شجاع".
وأضاف: "لكن، من جهة أخرى، وبالنظر إلى الأكاذيب السابقة حول موت قادة الحرس الثوري، ربما يسعى النظام إلى كسب الوقت للإعلان عن وفاته".
وأكد محمدي أنه إذا كان قاآني قد قُتل بالفعل، فإن إعلان وفاته في هذا التوقيت سيشكل "شرارة غضب لدى أنصار النظام"، مما سيجبر النظام على اتخاذ "رد فعل قوي"، خاصةً في وقت يسعى فيه النظام عبر قنوات متعددة للحد من العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأشار محمدي إلى أن أجهزة الدعاية الإيرانية "نشطة"، وقال: "هناك من يقول إن قاآني موجود في سوريا أو لبنان للتخطيط للرد على أي هجوم إسرائيلي محتمل".
نظام أيديولوجي غير تقليدي
وأوضح محمدي أن "هذه كلها افتراضات"، لكن "لا يجب نسيان أن وفاة المسؤولين المحيطين بخامنئي، سواء كانوا سياسيين أو عسكريين، لا تهمه كثيرًا"، مضيفًا أن خامنئي بلغ من الصلابة والقسوة بناءً على معتقداته الإسلامية أنه يعتبر الموت أمراً طبيعياً.
وأضاف أن "الحرس الثوري الإيراني ليس منظمة عسكرية تقليدية تعتمد على حب الوطن أو التكنولوجيا، بل هي مؤسسة أيديولوجية تمزج بين ثقافة عاشوراء والشهادة".
وأوضح أن بعض قادته الذين خرجوا من حرب العراق وإيران ربما لا يمانعون في الموت في نهاية المطاف تحت شعار "الشهادة".
الاختفاء يثير الشكوك
ورأى محمدي أن "اختفاء قاآني في ظل هذه الصراعات الإقليمية الكبرى يثير الكثير من الشكوك"، مشيرا إلى أن التجارب السابقة للنظام الإيراني في مثل هذه الحالات تشير إلى أن الإعلان عن وفاته قد يكون أكثر احتمالًا من إعادة ظهوره المفاجئ.
وأضاف أنه رغم هذا، فإن النظام الإيراني لا يكترث لمصير قادته العسكريين، مستشهداً بحادثة اختفاء أحمد متوسليان ببيروت في الثمانينات.
وذكر أن الحرس الثوري لن يضعف بوفاة قادة كبار، بل سيتم استبدالهم بمسؤولين جدد، كما حصل بعد مقتل قاسم سليماني وتولي قاآني القيادة.
وأشار محمدي إلى أن النظام الإيراني سيواصل عملياته طالما توفرت الموارد المالية والهيكل التنظيمي لتدريب مقاتلين مستعدين للشهادة.
ومع استمرار الغموض حول مصير إسماعيل قاآني لأسبوع، ازدادت التكهنات حول مقتله في الهجوم الإسرائيلي على مقر حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 3 أكتوبر.
لكن مسؤولي الحرس الثوري يؤكدون أن قاآني ما زال على قيد الحياة وسيتم تكريمه قريبًا من قبل خامنئي بوسام "فتح".