بعد مرور نحو خمسة أشهر على خسارة التيار المتشدد في إيران الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس المدعوم من التيار الإصلاحي مسعود بزشكيان، لا يزال المتشددون بقيادة حزب "بيداري" يحاولون إضعاف الحكومة الجديدة.
وفي محاولة أخيرة لتوجيه ضربة قوية ضد الرئيس بزشكيان، أصدر كمران غزنفري، عضو في حزب "بيداري"، تهديداً شديد اللهجة. وحذّر من أنه إذا رفض الرئيس إقالة نائبه للشؤون الاستراتيجية وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، فإن المتشددين عازمون على الإطاحة بالرئيس بزشكيان نفسه والدفع نحو إصدار حكم قضائي بسجنه لمدة لا تقل عن 15 عاماً.
ويبدو أن معارضة حزب "بيداري" لجواد ظريف تأتي على خلفية اتهامات بأن أبناءه يحملون الجنسية الأميركية، وهو ما يعتبره المتشددون سبباً كافياً لعدم أهليته لتولي أي منصب رفيع في إيران.
ورداً على هذه التهديدات، تحدث 3 شخصيات بارزون من الإصلاحيين لموقع "خبر أونلاين" واعتبروا تهديدات "بيداري" مجرد "خدعة". ووصف الفيزيائي النووي والمعلق أحمد شيرزاد تصريحات غزنفري بأنها "لا تستحق أن تؤخذ على محمل الجد"، مشيراً إلى أن الحجة القانونية التي قدمها النائب المتشدد، والمستندة إلى قانون "الوظائف الحساسة"، لا تعدو كونها أمنيات.
من جهته، استذكر وزير الطرق الإصلاحي الأسبق أحمد خرم أن جواد ظريف قد استقال سابقاً من الحكومة تحت تهديدات مماثلة، لكنه عاد بعد أن أشار المرشد علي خامنئي إلى عدم اعتراضه على وجوده في الحكومة.
وأكد خرم: "بزشكيان هو الورقة الأخيرة الرابحة للنظام. يجب على الجميع أن يتكاتفوا لمساعدته في حل مشكلات البلاد. لم يعد الوقت مناسباً للعداء والاستفزاز".
وفي الوقت ذاته، أشار رجل الدين والسياسي الإصلاحي البارز محمد علي أبطحي إلى أن حزب "بيداري" يحمل ضغينة تجاه حكومة بزشكيان، محذراً من أنه إذا نجحوا في التخلص من ظريف، فلن يكون الأخير الذي يستهدف بمثل هذه التهديدات.
وفي تطور آخر، قدم الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي تعليقاً ساخراً بأن 3 مشكلات ستُحل إذا نجح المتشددون في إحالة قضية بزشكيان إلى المحكمة وإصدار حكم بسجنه. وقال: "أولاً، سيوفرون على بزشكيان عناء التنقل بين الألغام السياسية، مما يتيح له قضاء ما تبقى من سنواته في راحة داخل زنزانة السجن. ثانياً، لن يواجه المواطنون الذين صوتوا له انتقادات من مواطنيهم. وثالثاً، مع وصول الأزمة الإقليمية إلى ذروتها، ربما تتمكن حكومة متشددة من التعامل مع مشكلات إيران بشكل أكثر كفاءة- وبالتالي قد يكشفون عن (المنقذ) الذي يدعون أنهم يمتلكونه".
وفي تعليق آخر على موقع "رويداد24"، كتب الصحافي الإيراني داوود هشمي أن إدارة بزشكيان تبدو مترددة بين الحفاظ على قاعدتها الاجتماعية أو شراء رضا منافسيها السياسيين.
وانتقد هشمي نهج بزشكيان التصالحي تجاه المتشددين، معتبراً أن أجندته للمصالحة الوطنية لا تعدو كونها تراجعاً بينما يتقدم خصومه السياسيون.
كما أشار هشمي إلى أن "بزشكيان وصل إلى السلطة في انتخابات شهدت إقبالاً ضئيلاً من الناخبين، مما جعل حكومته عرضة للتهديد. ولتثبيت إدارته، يجب عليه التركيز على تعزيز قاعدته الاجتماعية والتوقف عن نمط التراجع المستمر".
في الآونة الأخيرة، قام بزشكيان بتعيين عدة شخصيات سياسية متشددة كمحافظين إقليميين وفي مناصب حكومية أخرى، مما أثار غضب الفصائل الإصلاحية التي دعمته في الانتخابات ضد المنافسين المحافظين الأقوياء. ورغم أن الرئيس يبرر قراراته بمبدأ الوحدة الوطنية، يتهمه منتقدوه بتقديم تنازلات سياسية للمتشددين، ويصفون ذلك بـ"المساومات السياسية".
وقال محمد مهاجري، المتحدث لوسائل الإعلام الحكومية: "فصيل من منافسي بزشكيان يعتقد أنه إذا كان حقاً يؤمن بفكرة الوحدة الوطنية، فعليه تعيين محافظين من الفصيل المعارض في المحافظات التي حصل فيها على عدد أقل من الأصوات. ومع ذلك، قد يتحول هذا إلى (قشرة بطيخ) تحت قدميه، مما قد يؤدي إلى تعثر الحكومة وانزلاقها".