نشرت صحيفة "اعتماد" الإيرانية تقريرًا عن إجبار أولياء أمور الطلاب على تنظيف المدارس، بسبب عجزهم عن دفع الرسوم الدراسية، مشيرة إلى أن إدارة مدرسة البنات "باهنر"، في مدينة تايباد، بمحافظة خراسان الرضوية، شمال شرقي إيران، هددت أحد الآباء بفصل ابنته إذا لم يدفع الرسوم.
وأشارت إلى أن إحدى المدارس في طهران أعدت قائمة بالعائلات ذات الدخل المحدود، وتواصلت مع أفرادها، مطالبة إياهم بتنظيف المدرسة.
وأكدت الصحيفة، في عددها الصادر اليوم السبت 19 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أنه بمتابعة الموضوع اتضح أن هذا الأمر قد حدث في مدارس أخرى أيضًا، وأفادت بأن تنظيف المدارس من قِبل بعض أولياء الأمور ليس موضوعًا جديدًا؛ حيث تقوم بعض المدارس بإجبار أولياء الأمور ذوي الدخل المحدود على تنظيف المدرسة عند تسجيل أبنائهم، وإذا رفضوا القيام بذلك لأسباب معينة، يتم تهديدهم بفصل أطفالهم.
وأضافت أن هذه الواقعة حدثت في مدرسة بالعاصمة طهران، ومدرسة باهنر في مدينة تايباد بمحافظة خراسان الرضوية، شمال شرقي إيران، وذكرت أن بعض الطلاب قد تعرضوا للإيذاء في هذه المدارس، مما أدى إلى تركهم الدراسة.
وفي إحدى المدارس الحكومية بمدينة القدس الواقعة غرب العاصمة طھران، أُجبرت والدة أحد الطلاب على تنظيف جميع الصفوف الدراسية، من أجل تسجيل ابنها؛ حيث ذكر الصحافي سعيد يقيني، في 14 أكتوبر الجاري، عبر حسابه في "إنستغرام"، أن هذه الأم أخبرته بأنها لم تتمكن من تسجيل ابنها في مدرسة حكومية بسبب عدم توفر المال، ولذلك أجبرها المسؤولون على تنظيف الصفوف.
تنظيف المدرسة من قِبل أولياء الأمور
وأضافت صحيفة "اعتماد" في تقريرها، أنه عندما حضر أولياء الأمور إلى المدرسة، قيل لهم إما أن يقوموا بتنظيف المدرسة أو إذا كانوا يجيدون الأعمال مثل البناء، يمكنهم القيام بها لصالح المدرسة.
ونقلت الصحيفة أن هذا الإجراء قد أُجبر عليه أولياء الأمور، مشيرة إلى أن بعضهم قدموا شكاوى ضد المدرسة، بينما أعرب البعض الآخر عن استيائهم من هذا الاقتراح، وأبلغوا إدارة التعليم في المنطقة، لكن إدارة التعليم لم تتخذ أي إجراءات تأديبية ضد المدير أو المسؤولين في المدرسة.
عقوبة جسدية لأحد الطلاب
وتحدثت الصحيفة أيضًا عن أن المدير والمساعد التنفيذي في المدرسة لم يتعاملا بشكل مناسب مع الطلاب؛ حيث قام المساعد التنفيذي منذ فترة بصفع أحد طلاب المرحلة الابتدائية. ووفقًا للتقرير، وصل هذا الحادث إلى علم عائلة الطالب، وبدلاً من الاعتذار، قامت إدارة المدرسة بتصعيد الموقف وزيادة التوتر.
وتعتبر العقوبات البدنية للطلاب في المدارس الإيرانية موضوعًا ذا تاريخ طويل، وقد تم نشر العديد من التقارير حول هذا الأمر في السنوات الماضية.
تسجيل الطلاب في المدارس
وقد أشارت صحيفة "اعتماد" إلى أن إحدى المدارس في طهران تطلب من أولياء أمور الطلاب الأجانب مبلغًا نقديًا يتراوح بين مليون ومليوني تومان لتسجيل أبنائهم.
قصة أم طالبة
في السياق ذاته، تحدثت أم طالبة في الصف السابع بمدرسة توحيد 1 في مدينة قدس، حيث أجبرت على تنظيف المدرسة؛ بسبب عدم قدرتها على دفع الرسوم المطلوبة لتسجيل ابنتها.
وشرحت هذه الأم التفاصيل قائلة: "ابنتي تركت الدراسة لمدة عامين، ولم أتمكن من دفع تكاليف تعليمها، هذا العام كانت المدرسة تطلب 700 ألف تومان، لكنني لم أملك سوى 100 ألف تومان، فاضطررت لتنظيف الصفوف من أجل ابنتي".
وأضافت: "لم أكن وحدي، بل كانت هناك عائلات أخرى أيضًا. عائلتنا تحت رعاية لجنة الإغاثة، لكن ليس بشكل دائم، حيث يدفعون لمدة ستة أشهر ثم يتوقفون".
وتحدثت عن الحالة المالية السيئة للعائلة ومرض زوجها، قائلة: "استدعونا الأسبوع الماضي، قائلين إنهم سيعطوننا هدية لمساعدتنا، لكنني لم أستطع الذهاب بسبب بُعد منزلنا. دفعت 270 ألف تومان كتكاليف للنقل، وعندما وصلت لم أحصل على شيء".
وتحدثت الأم أيضًا عن معاناتها، قائلة: "لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة أكلنا فيها الدجاج، نسينا طعمه. أولادي يسألونني دائمًا: لماذا لا تشتري لنا دجاجًا أو فواكه؟ لا أملك المال لذلك".
وفي أعقاب حديث هذه الأم، أعلنت إدارة التعليم في مدينة قدس قبول استقالة المدير، وإرسال ملفه لمجلس التحقيق في المخالفات.
انتهاك القوانين الإيرانية والدولية
تأتي مشكلة عدم تسجيل الطلاب في المدارس وفرض رسوم على هذا الأمر، في وقت يُفترض فيه أن يكون التعليم حقًا أساسيًا لكل طفل، وهو ما تُقره القوانين المحلية والدولية.
وبموجب المادة 30 من الدستور الإيراني، يتعين على الدولة توفير التعليم المجاني لجميع المواطنين حتى نهاية المرحلة الثانوية، كما تؤكد المادة الثالثة من الدستور الإيراني حق الوصول إلى التعليم والتربية البدنية المجانية لجميع المواطنين في جميع المستويات.
أيضًا، وفقًا للمادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل، التي انضمت إليها إيران، يتعين على الدول الأعضاء ضمان حق التعليم لجميع الأطفال.
وأفاد مركز الإحصاء الإيراني، في 2 أكتوبر الجاري، بزيادة عدد الطلاب المتسربين من التعليم في البلاد، مشيرًا إلى أن 929798 شخصًا تركوا التعليم خلال السنة الدراسية 2022-2023.
وتشير الإحصائيات إلى أن التسرب وترك التعليم مرتبطان بمستوى التنمية وخريطة الفقر في البلاد، حيث تحتل المحافظات التي تعاني قلة التنمية الاقتصادية المراتب الأولى في تسرب الطلاب وترك التعليم.